2010/10/17

نساء يعشن حياة مزدوجة ظاهرها منزل وكلب وباطنها ايدز


تعيش الألمانية تيريزا البالغة من العمر 43 عاما الواقع في حياتها الثانية حيث بنت مع زوجها الثاني في ولاية هيسن وسط ألمانيا منزلا ولها ابن وكلب.
عندما يكون "مزاجها معتدلا" أي عندما تعمل الأقراص العشرون التي تناولتها في يومها عملها بشكل جيد فإن حياتها الأولى تبعد عنها كثيرا، الحياة مع الايدز.
نقل إليها زوجها الأول عدوى الايدز عندما استخدم في الثمانينات واقيا ذكريا ملوثا بفيروس نقص المناعة المكتسبة "اتش أي في"، المعروف بالايدز. كانت الإصابة بهذه الفيروس آنذاك حكم بالإعدام. وتسترجع تيريزا ذكرياتها عندما علمت بإصابتها بالفيروس قائلة::؟سحبت آنذاك جميع نقودي من دفتر التوفير وأردت أن أرتمي في أحضان الخمرة". أصبحت تيريزا التي ترفض ذكر اسمها الصحيح مصابة بالمرض بشكل كامل عام 1993 وأصبحت تصارع الموت وتلقت نوعا من العلاج الكيمياوي وفقدت شعرها الأشقر وأخذتها أمها معها للمنزل لتموت. ولم يدر الجيران الجدد بمرض تيريزا والذي لم تعد أعراضه تظهر عليها بفضل الأدوية. وما كان لهم أن يعرفوا شيئا عن مرضها.
تيريزا:؟لا أعرف كيف كان الجيران سيتعاملون مع ابني بعد موتي".
أفهمت تيريزا التي خرجت على المعاش المبكر بعد أن كانت تعمل موظفة في البنك جيرانها أنها تعمل لدى طبيب، ولكن الحقيقة هي أنها تذهب كل ثلاثة أشهر لمركز الايدز بمستشفى فرانكفورت الجامعي لفحص الدم. تعيش الكثير من النساء اللاتي ثبتت إصابتهن بفيروس اتش أي في في ألمانيا حياة مزدوجة وذلك استحياء من الناس مما يجعل هؤلاء النساء غير ظاهرات من الناحية العملية في المجتمع.
وعن ذلك تقول أنيته هابرل/ 48 عاما/، الطبيبة في مركز الايدز المذكور، إن الإصابة بالايدز تجعل المصابين يهمشون عن المجتمع. وتخصصت الدكتورة هابرل في رعاية النساء الحوامل المصابات بالفيروس وهي أيضا طبيبة السيدة تيريزا.
عندما يذكر مركز الايدز يتبادر للذهن رجال مثليون أو شباب يتناول حقن المخدرات أو نساء يبعن الهوى "وربما كانت المصابة جارتنا أو مدرسة أطفالنا" حسب هابرل. ورغم أن 18% فقط من المصابين بالايدز في ألمانيا من النساء إلا أن الظاهر لعيان المجتمع من هذه النسبة ضئيل للغاية. وغالبا ما تنتقل عدوى الفيروس للنساء من خلال المعاشرة الجنسية بلا واقي ذكري اعتمادا على حبوب منع الحمل.
الكثير من النساء يعلمن بأمر إصابتهن أثناء الحمل. تقوم الطبيبة هابرل بمساعدة 14 من مريضاتها وأحد المصورين بإعداد معرض يهدف إلى لفت أنظار المجتمع لنسائه المصابات بالفيروس. سيكون عنوان المعرض:؟أن تكوني جميلة، صور لنساء مصابات بفيروس اتش أي في". توضع في هذا المعرض صور لنساء مصابات بالايدز من بينهن تيريزا ويظهرن بشكل جذاب مثل بقية النساء.
كثيرا ما تؤدي الإصابة بالايدز إلى فقدان المرأة المصابة إحساسها بقيمتها، بل إن الفيروس يكاد يتخلل جميع تفاصيل حياتها اليومية. علقت صور النساء المصابات بالايدز في ممرات مركز الايدز بمستشفى فرانكفورت الجامعي ويراها جميع زوار المركز.
بعض النساء في الصور يبدين أعينهن بشجاعة حتى وإن كان أقرب المقربين لهن هم الذين يدرون بأمر هذا المعرض وظهور صورتهن به. وهناك نساء حرصن على تغطية أعينهن في الصورة حتى لا يتم التعرف على هويتهم عندما يتم تشخيص الإصابة بالفيروس في وقت مبكر فإن متوسط حياة صاحب التشخيص الموجب لا يقل تقريبا عن متوسطه لدى الذين لم يصابوا بالعدوى.
وإذا تم تشخيص الإصابة بالمرض قبل الحمل فإن خطر انتقال العدوى للطفل يقل مع العلاج الأمثل إلى أقل من 2%. هناك نحو 300 ولادة سنويا لنساء مصابات بالفيروس منها 30 إلى 40 حالة في مركز فرانكفورت الذي يعتبر أحد أهم المراكز المتخصصة في ألمانيا.
عندما توفي الزوج الأول لتيريزا قبل 11 عاما بالايدز وتعرفت على زوجها الثاني أصبحت الحياة أخيرا لا تنحصر في المرض. بدأت الحياة تبدو أسهل وأصبحت تيريزا تستمتع باللحظة، وليس هناك من يضمن لها استمرار هذه الحالة الطيبة لديها.
قررت تيريزا و زوجها إنجاب طفل حتى وإن كان الحمل خطيرا وذلك لأن تيريزا ستضطر للتوقف عن تناول الدواء. ولا يعلم ابنهما الذي أصبح في الثامنة سوى أن أمه تتناول الكثير من العقاقير. وتحمل تيريزا عشرات الصور لابنها ، الذي لم يرث منها المرض، له في حافظتها.

0 التعليقات: